على مدى عمر المرأة، يمكن أن تقضي من 3 إلى 8 سنوات في الحيض. وتمثل المفاهيم الخاطئة وسوء إدارة الدورة الشهرية عائقًا أمام قدرة النساء علي ممارسة بعض حقوقهن الإنسانية الأساسية، وأمام مساهمتهن في مجتمعاتهن المحلية.
ويمكن لعدم المساواة بين الجنسين، والفقر المدقع، والأزمات الإنسانية، والتقاليد الضارة أن تحول الحيض إلى فترة للحرمان والوصم. وفي مثل هذه الحالات من الهشاشة، يصبح الحيض تهديدًا لصحة المرأة ورفاهها. وفيما يلي أربعة أسباب تجعل من الحيض قضية من قضايا حقوق الإنسان.
أولاً: الحيض يمكن أن يصم المرأة ويستبعدها من الحياة العامة:
التصور بأن الحيض قذر أو مخجل يسهم في القيود التي تواجهها النساء والفتيات أثناء النزيف المهبلي، وهو تصور موجود في الكثير من البلدان، إن لم يكن في معظمها. وهناك بعض القيود الثقافية على المرأة خلال فترة الحيض، مثل حظر تناول بعض الأطعمة، أو المنع من دخول الأماكن الدينية، أو اشتراط أن تعزل النساء والفتيات أنفسهن. كما أن هناك بعض القيود مفروضة ذاتيًا؛ فقد تخشي النساء أو الفتيات المشاركة في أنشطة مثل الأنشطة المدرسية أو الألعاب الرياضية أو التجمعات الاجتماعية. ويمكن لهذه الممارسات، مجتمعة أن تعزز فكرة عدم أحقية النساء في التواجد والتمتع بالمساحات العامة بشكل مساوٍ للرجال، وأنهن أقل قدرة علي المشاركة في الحياة العامة.
فوصمة الحيض تجعل النساء والفتيات عرضة لأمور مثل التمييز وما يعرف بفقر الدورة الشهرية. كما تؤثر تلك الوصمة سلبًا علي النساء والفتيات ممن ينتمين لمجموعات هشة بالفعل. فالمصابات بفيروس نقص المناعة البشرية، على سبيل المثال، قد يواجهن الوصم الاجتماعي في سعيهن للوصول للمرافق الصحية، ولوازم الحيض، والرعاية الصحية.
ثانيًا: يمكن للحيض أن يحد من فرص المرأة
هناك مفهوم خاطئ شائع آخر يتمثل في أن قدرات النساء والفتيات، سواء الجسدية أو العاطفية، تضعف بسبب الدورة الشهرية. ويمكن لهذه الأفكار أن تخلق حواجز أمام الفرص المتاحة للنساء والفتيات، مما يعزز عدم المساواة بين الجنسين.
فعلى سبيل المثال، اعتقد أطباء القرن التاسع عشر أن الدورة الشهرية "تجعل من المشكوك فيه للغاية إلى أي مدى يمكن اعتبار النساء كائنات مسؤولة". ولا تزال هناك أفكار مماثلة اليوم. فقد تواجه النساء تعليقات مهينة حول الحيض الذي يؤثر علي حالتهن الجسدية أو العاطفية. وقد يتم استبعادهن من بعض الأدوار أو المناصب القيادية بسبب تلك الأفكار.
وفي الحقيقة ، فإن الحيض لا يحد من قدرات معظم النساء والفتيات، بأي شكل من الأشكال.
ثالثًا: الحيض يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية وضغط نفسي
كثيرًا ما يتم تجاهل القضايا الصحية الخاصة بأجساد النساء والفتيات من قبل صناع القرار، وصانعي السياسات، والمربين، وحتى المؤسسات الطبية، بما لا يقتصر على الحيض، بل يشمل أيضًا قضايا الحمل والولادة وتغيرات ما بعد الولادة وانقطاع الطمث.
وقد تكون النساء والفتيات اللاتي يعشن في فقر مدقع وفي أزمات إنسانية أكثر عرضة لمواجهة هذه التحديات. ففي أحد مجتمعات اللاجئين السوريين على سبيل المثال، أفاد العاملون الصحيون بأنهم يرون مستويات عالية من الالتهابات المهبلية ، وربما كان ذلك نتيجة لسوء النظافة أثناء الحيض. غير أنه لا توجد أدلة قوية علي مخاطر هذه الإصابات وانتشارها.
ويمكن أن يؤدي الصمت حول الحيض إلى الجهل والإهمال، بما في ذلك الصمت على مستوي السياسات. ونتيجة لذلك ، كثيرًا ما تجهل النساء والفتيات الكثير عن التغييرات التي يتعرضن لها مع تقدمهن في العمر. والكثير من الفتيات لا يعلمن شيئًا عن الدورة الشهرية إلا عندما يصلن إلى سن البلوغ، وهو ما يمكن أن يكون تجربة مخيفة ومربكة.
رابعًا: الحيض قد يزيد من هشاشة النساء والفتيات وعرضتهن للعنف وسوء المعاملة:
في أنحاء كثيرة من العالم، يعتبر حدوث الحيض لأول مرة، مؤشرًا لاستعداد الفتيات للزواج أو النشاط الجنسي. وهذا يجعل الفتيات عرضة لمجموعة من الانتهاكات تتضمن: زواج الأطفال، والعنف الجنسي أو الإكراه على النشاط الجنسي، والحمل المبكر. وفي حين يعد الحيض أحد مؤشرات الخصوبة البيولوجية ، فإنه لا يعني أن الفتيات قد وصلن إلى مرحلة النضج العقلي أو العاطفي أو النفسي أو البدني. وفي حالات نادرة ، يمكن أن يحدث الحيض قبل بلوغ الفتاة سن السابعة أو الثامنة ، على سبيل المثال. وحتى المراهقات الأكبر سنًا، قد لا يكن ناضجات بما يكفي لاتخاذ قرارات مستنيرة حول الزواج أو النشاط الجنسي أو الأمومة. كما أن الحمل والولادة المبكرين يمثلان السبب الرئيسي في وفاة الفتيات اليافعات في الفئة العمرية بين 15 و19 عامًا.
ويمكن أن يحد الفقر والأزمات الإنسانية من قدرة النساء والفتيات على الحصول على لوازم الحيض المناسبة ثقافيًا، أو الوصول إلى مرافق النظافة الخاصة والآمنة. ويصف مصطلح "فقر الدورة الشهرية" نضال العديد من النساء والفتيات ذوات الدخل المنخفض وهن يحاولن شراء منتجات الحيض. ويمكن لصعوبة توفير منتجات الحيض أن تقعد الفتيات عن الذهاب إلى المدرسة والعمل مما يؤدي لآثار سلبية دائمة على تعليمهن وفرصهن الاقتصادية.
كما يمكن للنساء والفتيات المستضعفات في المجتمعات الميسورة أن يواجهن صعوبة الوصول إلى مرافق الاستحمام الآمنة ولوازم الحيض مثل النساء والفتيات في النظم المدرسية الفقيرة والسجون وملاجئ المشردين.