أنت هنا

انعقد المؤتمر الدولي للسكان والتنمية (ICPD) في القاهرة عام 1994. حيث توصل 179 من قادة العالم إلى توافق في الآراء، واعتمدوا برنامج عمل يكرس الحقوق الإنجابية للفرد كحق أساسي من حقوق الإنسان. ولأول مرة، حوّل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية التركيز من الأهداف الديموغرافية إلى حياة البشر. ووعد القادة بحصول الجميع على خدمات ومعلومات الصحة الإنجابية، وتعهدوا بالحد من وفيات الأمهات وإنهاء العنف القائم على النوع الاجتماعي. كما أقر جدول أعمال المؤتمر بتمكين المرأة كشرط مسبق لتحقيق التنمية المستدامة، ودعا الحكومات إلى الاستثمار في الشباب، والقضاء على الفقر وحماية المهاجرين والنازحين.

 

وبعد 25 عامًا، أحرزت منطقة الدول العربية تقدمًا في تحقيق تلك الأهداف، فانخفضت وفيات الأمهات بنسبة 43 في المائة، وباتت هناك بيانات أفضل عن العنف القائم على النوع الاجتماعي، وهو ما يمثل شرطًا مسبقًا للتصدي له بشكل فعال. كما انخفض زواج الأطفال بنسبة 9 في المائة، وزاد عدد النساء اللاتي يمكنهن الحصول على خدمات تنظيم الأسرة مما يدعم قدرتهن على السيطرة علي مستقبلهن أكثر من اي وقت مضي.

وفي هذا العام، سيجتمع قاده العالم مرة أخرى في نيروبي للاحتفال بالذكري السنوية الخامسة والعشرين للمؤتمر الدولي للسكان والتنمية  ولتجديد التزامهم بجدول اعماله.

لكن لماذا يجب أن تهتم بالمؤتمر الدولي للسكان والتنمية؟

 

1. لأنه يتعلق بحياتك وجسدك وحقوقك:

يضمن المؤتمر الدولي للسكان والتنمية حقك الأساسي في اختيار عدد الأطفال الذين تريدهم أو تحديد ما إذا كنت تريد أطفالاً على الإطلاق. إن حقك في الوصول إلى خدمات تنظيم الأسرة، وعلاج الأمراض المنقولة جنسيًا، والدعم الطبي لقضايا الصحة الإنجابية كلها جزء من برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية. وكان المؤتمر هو المرة الأولى التي يتم التوصل فيها إلى إجماع دولي على أن حقوقك الإنجابية هي من حقوق الإنسان الأساسية وتشمل "الحق في اتخاذ قرارات بشأن الإنجاب خالية من التمييز والإكراه والعنف".

وفي الوقت الذي كانت فيه المخاوف من الاكتظاظ السكاني تعصف بالعالم، وضعت أجندة المؤتمر الدولي للسكان والتنمية حياة البشر، وليس عددهم، في صلب جدول أعمال التنمية المستدامة. وقد أعاد هذا التحول تعريف عمل التنمية بإعادة تصور معنى النجاح. وهذا النهج الذي يركز على الإنسان في التنمية، ظل قائمًا في جداول أعمال التنمية الدولية اللاحقة بما في ذلك الأهداف الإنمائية للألفية وأهداف التنمية المستدامة. وتتضمن مؤشرات التنمية الآن قدرتك على ممارسة حقوقك، وصحتك، وتعليمك ونوعية حياتك وبيئتك.

وفي الجلسة العامة الافتتاحية، ذكرت نفيس صادق، الأمين العام للمؤتمر والمدير التنفيذي السابق لصندوق الأمم المتحدة للسكان:

"الناس هم لب العملية [التنموية]، بوصفهم فاعلين ومستفيدين. ولدينا القدرة على تخفيف أعبائهم، وإزالة العقبات من طريقهم والسماح بالازدهار الكامل لإمكاناتهم كبشر ".

 

 

2. لأن المؤتمر الدولي للسكان والتنمية دليل على  قيمة التعاون الدولي:

كانت القضايا مثار جدل شديد. وحدثت مظاهرات ومقاطعات وبعض التغطية الإعلامية الناقدة. ولكن علي الرغم من كل الصعاب، فقد حظي برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية بتأييد واسع النطاق وكان أكثر جرأة من أي حدث سابق.

كيف تحقق ذلك؟ لأنه نوقش في مناخ مفتوح. ووصلت الحوارات العامة والفنية حول القضايا التي يغطيها المؤتمر الدولي للسكان والتنمية إلى مدى بعيد ولم تترك أحدًا. ولأنه نجح في التركيز على الطموحات التي توحد الجميع بدلاً من الاختلافات التي أبقتهم متباعدين.

في عام 1994، شارك في المؤتمر الدولي للسكان والتنمية 10757 مشاركًا من الحكومات والوكالات الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية ووسائط الإعلام. وحضر 4000 شخص إضافي منتدى المنظمات غير الحكومية المستقلة الذي تم تنظيمه إلى جانب المؤتمر. إن تجديد الالتزام بجدول أعمال المؤتمر الدولي للسكان والتنمية يعني أيضًا النظر فيما سبق، والتطلع إلى أن يصبح التعاون الدولي أداة شاملة للتغيير مرة أخرى.

 

3. لأنه يتعلق بوجود اقتصاد أفضل ومستدام حيث يمكنك أنت وأطفالك العيش بكرامة:

أوضح المؤتمر الدولي للسكان والتنمية الصلات بين حقوق الإنسان والنمو الاقتصادي. ولم تتم مناقشة قضايا المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة بوصفها قضايا تتعلق بحقوق الإنسان فحسب، ولكن تم طرحها بحزم بوصفها شروطًا مسبقة لتحقيق برامج التنمية. وتم الربط بوضوح بين الخيارات الإنجابية والحصول على الصحة الإنجابية وبين التقدم الاقتصادي. واعتبر الاستثمار في الشباب، وحماية المهاجرين واللاجئين والحد من الفقر، على أنها خطوات نحو التغيير، وليس مجرد نتائج له. وقال الأمين العام للأمم المتحدة في ذلك الوقت، بطرس بطرس غالي، في بيانه الافتتاحي:

"إنني لا أبالغ عندما أقول إن مستقبل المجتمع الإنساني يعتمد على مؤتمركم، كما تعتمد عليه  أيضًا فعالية النظام الاقتصادي للكوكب الذي نعيش عليه"

وفي هذا الصدد، فإن المنطقة العربية لديها فرصة للنمو السريع حيث يمثل الشابات والشبان الأغلبية الساحقة من سكان المنطقة. وهذا يعني أن معظم الناس في المنطقة هم في المرحلة العمرية للعمل والإنتاج والإضافة إلى الاقتصاد. وإذا تم تمكين النساء من اتخاذ قرارات بشأن أجسادهن والعيش بمنجاة من العنف، فمن الأرجح أن يسهمن في الاقتصاد. وإذا تمكن الأزواج من الوصول إلى معلومات وخدمات تنظيم الأسرة والرعاية الصحية الإنجابية الجيدة، فمن المرجح أن يتخذوا قرارات مسؤولة بشأن عدد الأطفال الذين ينجبونهم وبشأن توقيت الإنجاب. كما أنه لو توفر لهذا الجيل من الشباب الرعاية الصحية الجيدة والتعليم الجيد، وبات قادرًا على العثور على عمل لائق، فإن المنطقة ستحقق تنمية سريعة. نحن نسمي هذه الفرصة "العائد الديموغرافي". وهذا يعني حياة أفضل للجميع، وكذلك تقليل الفقر وزيادة فرص السلام الدائم.

وانضم إلى النقاش تحت هاشتاج # ICPD25 وشارك بأفكارك حول ما ينبغي، حسب رأيك، تحديده كأولوية في الذكرى السنوية الخامسة والعشرين للمؤتمر الدولي للسكان والتنمية في قمة نيروبي، المقرر عقدها في نوفمبر/تشرين الثاني 2019.